السبت، 22 يناير 2011

إنتخابات في الغابة




يحكى أنه في إحدى الغابات أراد الأسد أن يكون له وزيراً بدلاً من وزيره الذي مات, فأعلن عن ذلك وبدأ كل من الحيوانات يحلم بمنصب الوزير, وقاموا بعمل مسرح في مكان فسيح, حتى يصعد إليه كل من يرغب أن يرشح نفسه, ليلقي كلمة يعرف بها الجمهور من هو وماذا يمكنه أن يقدم للغابة.
وحضر الأسد هذا الحفل ومجموعة من الحيوانات, ثم فتح الستار عن الديك الذي وقف على منصة ليذيع ويحاور المرشحين ثم تقدم المرشح الأول من المنصة وقال: أنا الأوكابي حيوان صغير الحجم ينتسب للزراف, لون جسمي بني داكن كما ترون, وأرجلي مخططة باللون الأبيض, وأعيش بالغابات الكثيفة, وموطني الأصلي الكونغو, حيث أتغذى على أوراق الأشجار.



فصاح الديك قائلا : ولكنك خجول جدا أيها الأوكابي ولا أعتقد أنك تصلح.
إحْمرّ وجه الأوكابي خجلا وأطرق في الأرض ولم يستطع الإجابة, فضحك الحاضرون، وانسحب الأوكابي مسرعا من على المسرح.
تقدم الببغاء للمنصة وقال : السلام عليكم ورحمة الله, أعرفكم بنفسي, أنا من الببغاوات, ونحن فصيلة كبيرة من الطيور, نعيش في المناطق الدافئة من العالم, نشتهر بألواننا الزاهية وقدرتنا على الكلام, ومناقيرنا معكوفة, وأصابع الأقدام مرتبة بحيث تكون اثنتان منها متجهتين للأمام, واثنتان متجهتين للخلف, مما يمكنا من الإمساك جيدا بفروع الأشجار, ويمكننا تقليد أصوات البشر والحيوانات.
الديك: ولكن أيها الببغاء أنت تقلد الأصوات وتهوى الثرثرة, والتقليد لا يصنع شخصية قيادية, لابد أن يكون لك رأيك الخاص, ثم إنك تضيع كل وقتك في الثرثرة.
الببغاء: الثرثرة !!, أنا أكره الثرثرة ولا أحب الثرثار, فهل أنت تحب الثرثرة, أنا لا أحب الثرثرة, الثرثرة, الثرثرة, الثرثرة.





يضحك الجمهور على الببغاء, فيترك المنصة ويطير وهو غاضب.
تقدم الثعلب للمنصة وقال: مرحبا بكم, أنا الثعلب, ونحن الثعالب نتبع فصيلة الكلاب, ونتميز بأحجامنا الصغيرة.
الديك: وطباعكم الانعزالية, وطريقتكم التلصصية في الصيد.
( يتجاهل الثعلب ما قاله الديك ويكمل )



الثعلب: للثعالب قدرة فائقة على تكييف معيشتها, منا الثعالب ذات اللون المحمر, والأسود, والفضي, والرمادي, أما الثعلب المصري فيستوطن ريف مصر, ولونه من أعلى أسمر داكن بينما لون جانبي الجسم والبطن أصفر باهت, أما الأطراف فلونها أحمر داكن من الخارج وباهتة من الداخل, ولون الذنب أصفر داكن وله طرف أبيض, كألواني هذه.
الديك: أنت تتباهى كثيرا بشكلك لكنك ماكر والجميع يعرف هذا.
الجمهور: نعم, إنهم ماكرون.
الثعلب: وما المكر إلا ذكاء ودهاء وهذا مطلوب.
الديك: نعم نحن نحتاج لشخص ذكي, لكنك دائما تعمل لحساب نفسك ولم يحدث أن عملت شيئا للصالح العام, هل تنكر ذلك؟
( يصمت الثعلب ويقول الجمهور : لا يصلح )
يتقدم الجمل بهدوء ووقار للمنصة ثم يحيي الجمهور ويقول: السلام 

عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعرفكم بنفسي, أنا من الجمال ونحن فصيلة من الحيوانات مشقوقة الحافر, والشفة العليا للجمال مشقوقة, والأرجل طويلة, أنا من فصيلة الجمال العربية ذات السنام الواحد, ونحن من الحيوانات المجترة, والجمل خشن الشعر, لنا سنام مميز, ورقبة طويلة, وتعجز على مفصل الركبة, ونحن الجمال العربية موطننا شمال أفريقيا والشرق الأدنى, ونستعمل كحيوان مستأنس, والجمال مهيأة تماما للمعيشة في الظروف القاسية, كالبيئة الصحراوية.



الديك: أعلم أنك ملقب بسفينة الصحراء.
الجمل: بالفعل هذا صحيح, فلنا القدرة على تحمل غياب الماء لفترات طويلة.
الديك: لدي تقرير كامل عنك, والحقيقة انك ذكي, صبور و قوي, والجميع يحبك, لذلك يمكننا أن ندون اسمك كمرشح جيد.
(يصفق الجمهور بينما ينسحب الجمل وهو سعيد ثم يتقدم الدب بجسمه الضخم).
الدب: السلام عليكم جميعا, أنا الدب, والدببة من أضخم الحيوانات آكلة اللحوم التي تعيش على سطح الأرض, وتتشابه أنواع الدببة كثيرا في مظهرها, وهي تتميز بجسم ثقيل, وأطراف غليظة, وذيول قصيرة, وآذان صغيرة.



الديك: ويتميز الدب أيضا بمشيته البطيئة المتثاقلة.
الدب: ولكن يمكنه العدو بسرعة عند مطاردته, وبعض الأنواع منا لها القدرة على تسلق الأشجار, وفراء الدب خشن وكثيف, وفيما عدا الدب القطبي فألواننا داكنة, وحاسة الشم في الدببة قوية جداً.
الديك: ولكن أبصارها غير حاد, ثم إنكم في الغالب مسالمون ولكن لو جرحت أو هوجمت أصبحت عظيم الخطر, والعمل لن يخلو من الغضب لذلك.
الدب: ماذا تريد أن تقول.
الديك: لا شيء على الإطلاق.
( ينظر له شزرا ثم يغادر المنصة وتتقدم الزرافة).




الزرافة: مرحبا بكم أنا الزرافة أطول حيوان يعيش على الأرض الآن, لي أرجل طويلة, ورقبة بالغة الطول, ولكن بها سبع فقرات فقط كباقي الثدييات, ويصل ارتفاع الذكر منا واقفا ستة أمتار, والصغير المولود حديثاً طوله حوالي مترين, أعيش في غابات أفريقيا وآكل أوراق الشجر.
الديك: أنت حيوان جميل وهادئ ويمكنني أن أسجل أسمك مع الجمل.
( يهلل الجمهور للزرافة بينما يتقدم الشمبانزي )
الشمبانزي: مرحبا بالجميع, أعلم أن جميعكم يعرفني, أنا الشمبانزي, قرد غير مذنب, يصل وزن الحيوان البالغ منا مئة وعشرة رطل, وارتفاعه عندما يقف على قدميه يصل إلى مئة وخمسين سنتيمتر, وأنا أمشي عادة على أربع ولكن باستطاعتي أن أنتصب وأمشي على القدمين فقط, وأعيش في أفريقيا الاستوائية, وذكاء الشمبانزي عالي فنحن بارعون في حل المشاكل .


الديك: يسعدني أن أدون اسمك أيضا.
والآن وبعد أن انتهى المرشحون لدينا ثلاثة لنختار منهم, الجمل, والزرافة , والشمبانزي , فعلى كل منكم أن يضغط على إسم الحيوان الذي يود أن ينتخبه وستظهر النتيجة على الشاشة فوراً.
( تعالت الأصوات عندما ظهرت النتيجة على الشاشة بينما تقدم الأسد ليقول كلمته )
الأسد: نتيجة التصويت كانت , أربعين بالمائة للشمبانزي وأربعين في المائة للجمل وعشرون للزرافة.
الديك: يعني مازال أمامنا اختيار بين الجمل والشمبانزي .
الأسد: نعم , وأنا أرى أن الشمبانزي بالفعل ذكي ولديه القدرة الفائقة على حل المشكلات , لكن الجمل صبور ولديه قدرة عالية على تحمل المسؤولية , لذلك قررت أن أعين الجمل وزيراُ لي, على أن يكون الشمبانزي مساعداُ له.
(هللت الحيوانات فرحة باختيار الملك ).

بحثا عن السعادة




كان مروان شاب متعلم وحيد أبويه, ورث عن أبيه بيتا وأرضا زراعية.

وكانت الأرض تحتاج لعمل متواصل، ومروان كره هذا العمل الذي يرى أنه لا طائل منه, وكان يحلم ببيت كبير وحمام سباحة وسيارات فارهة, كان يحلم بخدم وشركات وموظفين, فقرر أن يسافر بحثا عن الثروة التي تحقق له أحلامه, فباع أرضه وبيته وسافر يبحث عن عمل.
لم يستطع مروان العمل بمؤهله في أي من البلاد التي سافرها؛ فكان يقبل بأي عمل يمكن أن يتقاضى منه مال مادام لا يجد وظيفة مناسبة فليتنازل, بالرغم من أنه كان يأنف في بلده من أي عمل, إلا أنه باع الجرائد وغسل الصحون, وغسل السيارات, وعمل بمغسلة ومطعم .
وظل يتنقل من عمل إلى عمل وخلال عشر سنوات قام بجمع مبلغ من المال ضمه لثمن الأرض .
ثم قرر أن يعود لبلده , ليبحث عن فرصة قد تساعده على إثبات وجوده بشكل يرضيه.
وقرر أن يشتري أرضاً أو عقاراً وذهب للسمسار يسأله عن أسعار العقارات فوجد أن الأسعار ارتفعت ارتفاع لم يكن يتوقعه, ولكن السمسار قال له أن لديه فرصة قد لا تتكرر, فأمامه أرض زراعية يبيعها الورثة بسعر جيد ولما عرض عليه بيانات الأرض وجد أنها أرضه, نفس الأرض التي كان يأنف أن يعمل فيها, فرحب بشرائها, و اشترى أرضه وبيته بكل ما يملك من مال.
وفي أول يوم يتسلم الأرض جاءه عمه يبارك له على الأرض التي عادت ويذكره بأنه حاول أن يثنيه عن البيع وهاهو قد عاد ليشتريه مرة أخرى, وقال له العم وهو مبتسم : لقد أضعت من عمرك عشر سنوات هباء بحثا عن الأوهام وها أنت تعود لنقطة البداية.
فقال مروان لعمه : لا أعتقد أنني أضعت العشر سنوات, فقد تعلمت خلال العشر سنوات أشياء كثيرة أهمها أنه ليس هناك أهم ولا أغلي من بيتي وأرضي ووطني , وتعلمت أن العمل في حد ذاته قيمة لابد أن نسعى لها, وتعلمت أن أحترم العمل مهما كان , لقد كنت بعيد جداً عن نقطة البداية , وإن كنت اليوم أقف عند نقطة البداية فقد تعلمت كيف أبدأ.


وبدأ مروان بالفعل يعمل في أرضه ويتابع عماله ويراعي شئون أرضه حتى استطاع أن يزودها بوسائل الزراعة الحديثة, بل ويبتكر فقد طور آلاته الزراعية, وسجل هذا التطوير كاختراع يفيد الناس .
واستطاع في فترة وجيزة أن يشتري المزيد من الأرض الزراعية , وقام بعمل عدة مشاريع على أرضه كمشروع تربية المواشي والطيور, ومنتجات الألبان ومنحل, واستطاع أن يوفر فرص عمل لشباب قريته, وأعاد بناء بيته فأصبح كالقصر الصغير, واستطاع أن يصل للمال والرضا والسعادة .
* * *

باسم




في إحدى مدن مصر كان باسم في آخر المرحلة الإعدادية , يحب الأعمال اليدوية , والإلكترونية .

* * *وهو دوما يقرأ ويضيف لألعابه أشياء , فهذه حولها للسير بالطاقة الشمسية , وهذه عدل في تركيبها , وكانت هذه الهواية تحتاج لوقت للإطلاع والتجربة العملية , ولم يعطله ذلك أبداً عن دروسه , فهو دائما متفوق .
ولما وصل آخر المرحلة الإعدادية , قالت له أمه : ينبغي ان يهتم بدروسه فقط حتى يحصل على مجموع كبير .
حاول باسم أن يناقش أمه ليقنعها , لكن بعد طول نقاش لم يستطع أن يقنعها , وكان النظام في المدرسة أشد صرامة , وكان باسم حزين لأنه ترك هوايته المفضلة .
وفي يوم كان لديه رغبة في أن يعمل بحثاً على الكمبيوتر , عن خلايا الطاقة الشمسية , ولكن القوانين الجديدة في البيت تمنع فتح الكمبيوتر نهائيا , حتى في الأجازة الإسبوعية .
وكان بجوار المدرسة حانوتا صغيراً يؤجر الكمبيوتر , لكن كيف يذهب ويترك الباص, فتحدث مع زميله عمر في ذلك , و قال له عمر : دعنا نقفز من سور المدرسة , فلم يبق إلا حصة ونعود , وقبل موعد الباص نكون رجعنا بنفس الطريقة , وجهز له عمر كل شئ .
وبالفعل استطاع أن يعتلي جدار السور بسرعة ويقفز , وأتم مهمته , وعاد قبل موعد الباص , لكنه كان حزينا , حتى أنه في رحلة العودة لم يسمع عمر الذي كان يثرثر بجواره طوال الوقت .
ولما عاد البيت كانت جدته في البيت , وكانت الخادمة تنظف البيت فتعطلت المكنسة الكهربائية فطلبت من الجدة أن تنتظر باسم ليصلحها لها كعادته , فأعجبت الجده بذلك, ولما عاد وأصلحها قالت له : يسعدني ان أراك تصلح كل شئ من حولك , وأنا أرى أنك ستكون رجل مصلح لمجتمعك قريبا بإذن الله .
فابتسم باسم وأصلح المكنسة وانصرف لغرفته وهو حزين , لقد أثارت جدته كل مافي نفسه, غداً سيصبح رجل مصلح لمجتمعه , كم تمنى أن يكون ذلك, ولكنه اليوم إبتعد عن هذا الرجل , فلقد هرب من المدرسة متسلقا السور كما يفعل اللصوص .
صحيح أنه يرى لنفسه العذر , لكن اللصوص أيضا يجدون لأنفسهم الأعذار , ليس هناك أي عذر للخطأ .
إن كانت الظروف صعبة فلا بد أن أواجهها , نعم , هكذا علمني جدي , والمواجهة هي بداية الإصلاح, ومادامت جدتي هنا اليوم فسيأتي جدي بعد قليل , سأطلب منه أن يساعدني في حل مشكلتي, لن أتصرف كاللصوص مرة أخرى , سوف أكون كما أحب .
وبينما هو يحدث نفسه سمع صوت جده يسلم على من في البيت فانطلق يسلم عليه , وانفرد به , وطلب منه أن يساعده في مناقشة أمه حول القوانين الجديدة التي فرضتها , وبين له وجهة نظره .
فاتفق معه أن يساعده على شرط أن يظل متفوقا كما كان , وأن يراجع نفسه في طريقة حديثه مع أمه , ويتعلم أن يكون الحوار مع الوالدين بأدب وهدوء , ليتمكن من توضيح وجهة نظره , فاستطاع بعد طول نقاش أن يقنع أمه بأنه سيمارس هوايته في فترات محددة , وأن هذا لن يؤخره عن تحصيله لدروسه .
وبالفعل استطاع باسم أن يقنعها بعد أن غير طريقة حواره كما علمه جده , واستمر في تفوقه , وكان الأول على مدرسته في هذا العام , وفي الصيف إشترك في نوادي ثقافية , انتخبها له جده لينمي موهبته .