السبت، 22 يناير 2011

باسم




في إحدى مدن مصر كان باسم في آخر المرحلة الإعدادية , يحب الأعمال اليدوية , والإلكترونية .

* * *وهو دوما يقرأ ويضيف لألعابه أشياء , فهذه حولها للسير بالطاقة الشمسية , وهذه عدل في تركيبها , وكانت هذه الهواية تحتاج لوقت للإطلاع والتجربة العملية , ولم يعطله ذلك أبداً عن دروسه , فهو دائما متفوق .
ولما وصل آخر المرحلة الإعدادية , قالت له أمه : ينبغي ان يهتم بدروسه فقط حتى يحصل على مجموع كبير .
حاول باسم أن يناقش أمه ليقنعها , لكن بعد طول نقاش لم يستطع أن يقنعها , وكان النظام في المدرسة أشد صرامة , وكان باسم حزين لأنه ترك هوايته المفضلة .
وفي يوم كان لديه رغبة في أن يعمل بحثاً على الكمبيوتر , عن خلايا الطاقة الشمسية , ولكن القوانين الجديدة في البيت تمنع فتح الكمبيوتر نهائيا , حتى في الأجازة الإسبوعية .
وكان بجوار المدرسة حانوتا صغيراً يؤجر الكمبيوتر , لكن كيف يذهب ويترك الباص, فتحدث مع زميله عمر في ذلك , و قال له عمر : دعنا نقفز من سور المدرسة , فلم يبق إلا حصة ونعود , وقبل موعد الباص نكون رجعنا بنفس الطريقة , وجهز له عمر كل شئ .
وبالفعل استطاع أن يعتلي جدار السور بسرعة ويقفز , وأتم مهمته , وعاد قبل موعد الباص , لكنه كان حزينا , حتى أنه في رحلة العودة لم يسمع عمر الذي كان يثرثر بجواره طوال الوقت .
ولما عاد البيت كانت جدته في البيت , وكانت الخادمة تنظف البيت فتعطلت المكنسة الكهربائية فطلبت من الجدة أن تنتظر باسم ليصلحها لها كعادته , فأعجبت الجده بذلك, ولما عاد وأصلحها قالت له : يسعدني ان أراك تصلح كل شئ من حولك , وأنا أرى أنك ستكون رجل مصلح لمجتمعك قريبا بإذن الله .
فابتسم باسم وأصلح المكنسة وانصرف لغرفته وهو حزين , لقد أثارت جدته كل مافي نفسه, غداً سيصبح رجل مصلح لمجتمعه , كم تمنى أن يكون ذلك, ولكنه اليوم إبتعد عن هذا الرجل , فلقد هرب من المدرسة متسلقا السور كما يفعل اللصوص .
صحيح أنه يرى لنفسه العذر , لكن اللصوص أيضا يجدون لأنفسهم الأعذار , ليس هناك أي عذر للخطأ .
إن كانت الظروف صعبة فلا بد أن أواجهها , نعم , هكذا علمني جدي , والمواجهة هي بداية الإصلاح, ومادامت جدتي هنا اليوم فسيأتي جدي بعد قليل , سأطلب منه أن يساعدني في حل مشكلتي, لن أتصرف كاللصوص مرة أخرى , سوف أكون كما أحب .
وبينما هو يحدث نفسه سمع صوت جده يسلم على من في البيت فانطلق يسلم عليه , وانفرد به , وطلب منه أن يساعده في مناقشة أمه حول القوانين الجديدة التي فرضتها , وبين له وجهة نظره .
فاتفق معه أن يساعده على شرط أن يظل متفوقا كما كان , وأن يراجع نفسه في طريقة حديثه مع أمه , ويتعلم أن يكون الحوار مع الوالدين بأدب وهدوء , ليتمكن من توضيح وجهة نظره , فاستطاع بعد طول نقاش أن يقنع أمه بأنه سيمارس هوايته في فترات محددة , وأن هذا لن يؤخره عن تحصيله لدروسه .
وبالفعل استطاع باسم أن يقنعها بعد أن غير طريقة حواره كما علمه جده , واستمر في تفوقه , وكان الأول على مدرسته في هذا العام , وفي الصيف إشترك في نوادي ثقافية , انتخبها له جده لينمي موهبته .