الأربعاء، 25 مارس 2015

الجزء الجزء السادس والأخير من حكاية مصرية





ملخص ما نشر:
مات عوض أخو فهيم ؛ فقد تسمم هو وزوجته وترك لأخيه أولاده, فضمهم إليه ولم يتخلى عن سعد وإخوته, أما عبد التواب فبدأ يفيق من أحزانه ويحكي عما رآه بالعراق, واكتشف الأطفال حقيقة مبروك فترى كيف سيتصرفون بعد أن عرفوه.
* * *
 ( في بيت فهيم؛ الطفلة الصغيرة هدأت وبدأت تستسلم للنوم واستكانت في حضن هنية فقامت تضعها في فراشها, دخل سعد وفؤاد وهم في حالة من ذهول لما حدث, أخذ فهيم المفتاح ثم هَمَّ بدخول غرفته لينام؛ فاستوقفه الأطفال ليكلموه... ).
فؤاد: عمي فهيم!! نريدك في أمر مهم.
فهيم: خيراً !!.. ألا تنتظرا الصباح؟.
سعد: لا...!!!.  بل الآن !.
( يتوجس فهيم من لهجتهما )
فهيم: خيراً !..  ما الذي حدث؟.
فؤاد: سنحكي لك عن ما رأيناه اليوم بالمخزن.
فهيم: سنحكي لك بشرط ؛ أن تعدنا بأن تفكر جيداً قبل أن تتصرف.
فؤاد: بين يديك أن تأخذ بثار أبي, وأبي سعد, وأهل بغداد جميعاً.
سعد: والأهم أن تمنع الشر عن مصر .
( ينظر إليهما فهيم نظرة غريبة متعجباً)
فهيم: أنا لا أفهم شيئا !!.
سعد: سنحكي لك وستفهم.
فؤاد: المهم أن نتصرف بحكمة, لا نريدهم أن يهربوا.
( يتكلم الأطفال بغضب )
* * *
اليوم الجمعة والوقت الظهيرة وصوت قراءة القرآن يملأ المكان, فهيم على باب شقة بطرس يدق الباب فيفتح جورج...
فهيم: كيف حالك يا جورج؟.
جورج: بخير يا عمي, تفضل.
فهيم: أريد أباك.
(  يحضر بطرس عندما سمع صوت فهيم وينصرف جورج )
بطرس: تفضل يا أخي.
فهيم: ليس لدي وقت إنه موعد الصلاة, أسمع يا بطرس سأنتظرك بعد الصلاة في بيت عبد التواب.
بطرس: إنه يأتي دائما إلى هنا ليلاً  فلماذا؟
فهيم: ششش اخفض صوتك, ولا تقل لأحد من أهل البيت, ولا تسأل كثيراً, عندما تأتي ستفهم .
( يكمل فهيم عبارته وهو يبتعد بينما بطرس متعجب ثم يعلو صوت المؤذن بالأذان )
* * *
وصل فهيم إلى الجامع ثم وقف ينتظر على باب الجامع إلى أن وصل على فانحنى فهيم ليخلع حذاءه ويحدث علي بصوت منخفض.
فهيم: سنجتمع عند عبد التواب بعد الصلاة.
علي: لماذا ال....؟
فهيم: ششش أخفض صوتك ونفذ ما أقوله لك. 
( ينظر له علي باستغراب بينما فهيم يدخل الجامع وينتظر بجوار الباب من الداخل إلى أن يأتي عبد التواب فيحدثه بصوت منخفض )
فهيم: مرحبا عبد التواب, سنجتمع عندك بعد الصلاة.
عبد التواب: على الرحب و...
فهيم: ششش, اخفض صوتك وأبلغ سليماً  .
( يدخل فهيم الجامع ويجلس بين المصلين)
* * *
اجتمع الأصدقاء في بيت عبد التواب وهم حائرون لا يدرون سبب تصرفات فهيم الغريبة.
علي: خيراً يا فهيم, ماذا حدث؟.
فهيم: جمعتكم اليوم لأمرٍ خطير, ولقد اخترت بيت عبد التواب لأنه يعيش وحده بعد موت زوجته وزواج ابنه.
بطرس: ما سبب هذه السرية العجيبة ؟.
سليم: ماذا حدث؟.
فهيم: إنهم المغول, لقد كنا معاً بالليلة الماضية؛ وكنا نتكلم عن المغول أمام الصغار, وفي الليل حدث ما أكد لنا وجودهم بيننا وعرفت أحدهم.
الجميع: من؟
فهيم: مبروك.
الجميع: غير معقول !!!!!
* * *
الأطفال الأربعة مجتمعون على السطح وحدهم يجلسون تحت التكعيبة... حبيب وعزيز وفؤاد وسعد.
فؤاد: هذا هو الأمر الذي اكتشفناه ولأنني أثق بكما قد حكيت لكما لكي نتتبع جميعا هذا الرجل ونعرف من أعوانه.
حبيب: لقد لاحظت أنه كان سعيداً وقت أن سمع خبر نعي الخليفة وانتصار هولاكو على العراقيين .
عزيز: انتظر, ألا تذكر يا حبيب يوم أن رأيناه يخرج من بيت أمنا إيفون .
حبيب: نعم أذكر, لقد ادعى أنه يسأل عن الكنافة , نعم الكركديه, هو الذي دس السم في الكركديه, ولولا أنه وقع على الأرض لمتنا جميعا.
عزيز: بعد ما عرفته لا أطيق أن أرى هذا الخائن.
سعيد: لا, لا نريد أي  انفعال, علينا أن نتحلى بالصبر لنصل إلى أعوانه .
عزيز: من البداية لم أشك فيه لأنه أبله .
فؤاد: هو ليس أبلهاً ولا نحن بلهاء.
* * *
مازال الرجال مجتمعين عند عبد التواب.
فهيم: هذا ما عرفته أضعه بين أيديكم فما رأيكم؟
عبد التواب: احذر أن يشعر أنك تفهمه, حاول أن تتجاهله ولا تجعله يغيب عن نظرك.
سليم: علينا أن نراقبه, ولكن دون أن يشعر.
بطرس: أتعجب من كل ما يحدث, ولكنه أمر خطير.
عبد التواب: وصلني أن هولاكو يستولي على البلد تلو الآخر وأنه على وشك أن يدخل حلب.
سليم: لو دخل الشام فلن يبقى أمامه إلا مصر, ولابد من صده قبل دخوله هنا.
فهيم: يلزمنا المال والرجال والقيادة الراشدة.
علي: علينا أن نمسك بالجواسيس أولا ثم يفعل الله ما يشاء.
* * *
يجتمع علي وفهيم وبطرس وسليم وعبد التواب على  السطح ويتكلمون بصوت منخفض والأطفال الأربعة يشاركونهم الجلسة.
سليم: بلغني أن الأمير بيبرس البندقداري قدم من الشام بعد أن استولى هولاكو على حلب والشام, وانضم لجيش مصر.
فهيم: لم يعد هناك وقت ينبغي أن نتحرك تجاه الهدف بسرعة.
بطرس: نعم فالوقت ليس في صالحنا.
* * *
مبروك يذهب ويجيء في الحارة يتكلم بعبارات تثير الخوف والفزع في نفوس الناس, والأطفال الأربعة يتظاهرون باللعب.
مبروك: آآه من زمان العجب,  فيه الحرب بلا سبب, وفيه الدم إلى الركب, من الأزهر إلى الحسين وَعْدٌ كُتِبْ.
( يمشي مبروك وهو يردد هذه العبارة ويخرج من الحارة )
سعد: تعالوا نلعب في حارتنا.
( ينطلق الأطفال خلف مبروك...)
* * *
وقف مبروك يقول نفس العبارة على باب الخان فخرج أعوانه الثلاثة بعد قليل, يمشي مبروك  ويمشي خلفه الجواسيس؛ والأطفال يتظاهرون باللعب بطوبة صغيرة يقذفونها بين بعضهم بعضاً ويحدثون جلبة
مبروك: آآه من زمان العجب,  فيه الحرب بلا سبب, وفيه الدم إلى الركب, من الأزهر إلى الحمام وعْد كُتِبْ.
ينظر الأطفال إلى  بعضهم بعضاً, ويقذفون الطوبة بين أرجلهم ويراقبون, فإذا بمبروك ينصرف في اتجاه والجواسيس في اتجاه آخر فينطلق عزيز خلف مبروك وينطلق الباقون خلف الجواسيس الباقين.
* * *
عاد مبروك إلى الحارة وكان خلفه عزيز, دخل مبروك غرفته, ثم دخل عزيز دكان فهيم فسأله فهيم عما حدث بصوت منخفض, وبدأ عزيز يكلمه ويحكي له كل ما رآه وسمعه.
* * *
وصل الجواسيس الثلاثة إلى باب الحمام والأطفال الثلاثة خلفهم، ثم رسموا رسماً على الأرض وتظاهروا باللعب عليها؛ وظلوا يقفزون فوق هذا التقسيم ( لعبة الأولى ), وبعد قليل وصل فهيم الذي أبلغه أحد الصغار بما حدث و فهم من عبارة مبروك أنه يدعو جماعته للذهاب إلى الحمام ثم أخرج حافظة نقوده وأخذ يعد نقوده، ثم تظاهر بأنه فقد شيئاً وظل يبحث عنه, خرجت جارية من باب الحمام ترتدي حبرة سوداء .
نظرت إليهم وتظاهرت بأنها ستقع وأوقعت منديل به شيء, وتركته وانصرفت مسرعة فالتقط أحدهم المنديل وانصرف وبقي واحد, ثم انطلق فهيم خلف الفتاة يمشي خلفها ويتكلم معها من بعيد وبصوت منخفض.
فهيم: يا للجمال, ليتني أعرف أين أباك لأخطبك الآن؟. ألن ترحمي قلبي وتدلينني عليه؟.
( تبتسم الفتاة وتستمر في المشي ويستمر خلفها فهيم )
* * *
مازال الأطفال الثلاثة يلعبون في الشارع أمام الحمام
وما زال أحد الجواسيس يتمشى حول الحمام إلى أن خرجت جارية أخرى ترتدي الحبرة أيضاً, تمشي الجارية خطوتين ثم تسقط منديلا حريرياً ملفوفاً, يلتقط الرجل المنديل وينصرف؛ فيمشي الأطفال خلف الفتاة وهم يتظاهرون باللعب بالطوبة كالكرة الصغيرة يقذفونها بين أرجلهم.
* * *
في غرفة الأولاد ببيت فهيم يتحدث فهيم مع الأطفال الأربعة وقد أغلقوا عليهم الباب.
فهيم: من الجملة التي قالها مبروك فهمت أنهم ذهبوا إلى الحمام.
عزيز: وإلى أين وصلت هذه السيدة التي تبعتها؟
فهيم: ذهبت لبيت الأديب الشاعر سيف الدين أبي الحسن.
حبيب: ترى هل هي جاريته؟.
فهيم: هذا مؤكد, فالأمير سيف الدين ليس مجرد شاعر, إنه يعمل في شد الدواوين ويلازم الوزير باستمرار.
فؤاد: ماذا يعني شد الدواوين؟.
فهيم: إنه رفيق الوزير والمسئول عن دواوين المالية بالدولة. وأنتم ! أين ذهبت الجارية التي تبعتموها؟
عزيز: قصر الملك المنصور.
فهيم: شيء عظيم, لهم عين عند الملك المنصور وعين عند الأمير سيف الدين وعين عندنا في الحارة, وأيديهم المنفذة بالخان.
حبيب: لا بد أن نقبض عليهم بسرعة.
فهيم: سأجتمع بالرجال لنعرف إلى من نتكلم, وإلى من ننضم, أخشى ألا يُقدّر المنصور خطورة الموقف.
( تفتح هنية باب الغرفة لتستطلع الأمر )
هنية: مالكم تجلسون وحدكم؟
فهيم: لقد جعنا فقلنا نأتي لنأكل ولكن يبدوا أن الطعام لم ينتهِ بعد.
هنية: من الذي قال لك ذلك؟ الطعام جاهز سأعده لكم خلال دقائق.
* * *
يجتمع الرجال عند عبد التواب وقد استمعوا لأخبار فهيم الجديدة.
عبد التواب: لقد وصلنا إليهم وينبغي أن نتحرك بسرعة.
سليم: لقد جئت لأقول لكم أخبار مهمة حدثت اليوم, بعد انضمام بيبرس إلى قطز, جاءنا طلب من هولاكو باستسلام مصر, وقد انتخب كبار البلد قطزاً لأنهم يرونه الأفضل والأقدر على خوض هذه المعركة المنتظرة.
بطرس: وماذا فعل مع الملك المنصور؟
سليم: لقد حدد إقامته في قصره مع والدته.
( يقف فهيم قائلا )
فهيم: إذا فالحديث يكون مع قطز .      
فهيم: هيا بنا يا رجال.
علي: الآن؟.
فهيم: نعم وبلا أي تأخير.
* * *
في بيت الأمير قطز الرجال يتكلمون معه بحماس وقد قصوا عليه قصة الجواسيس فقال لهم )
قطز: لقد فهمتكم, ولا تخشوا أمر الجواسيس, فمادمنا نعرف مكانهم فسنقبض عليهم في التو, أما رغبتكم في الانضمام إلى المحاربين فيلزمكم تدريب تحت قيادة بيبرس, عليكم بجمع المتطوعين وعلينا الباقي.
* * *
سعد مازال يستمع إلى فهيم كما باهتمام.
سعد: انتظر يا عمي فهيم لقد أسرعت بالحديث ولم تقل لي كيف أُبْعِدَ الملك المنصور؟.
فهيم: لقد وصل إلى مصر "كمال الدين عمر بن العديم" رسولاً من الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب والشام , فأنزله قطز بالكبش فجمع القضاة والفقهاء والأعيان لمشاورتهم في أمرِ المغول وحضر هذا الاجتماع الملك المنصور.
سعد: حسنا, وماذا بعد؟
فهيم: كانوا يتحدثون عن المغول, وقد قال الشيخ "عز الدين بن عبد السلام": إنه إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على العالم قتالهم وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينوا به على جهادكم بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء, وتبيعون ما لكم من الحوائص المذهبة والآلات النفيسة ويقتصر كل جندي على مركوبه.
سعد: انتظر يا عمي, لا تسترسل, ما معنى كلمة حوائص؟
فهيم: إنها أداة يلعب بها الأمراء الكرة وهم يركبون الخيل, وخلاصة القول أن يبدأ الملك والأمراء بالتخلي عن الترف ويبدئوا بالتبرع وينفقوا كل ما في بيت المال ثم يفتحوا باب التبرع لعامة الناس.
سعد: مطالب عادلة, وما رأي المنصور؟
فهيم: إنه لم يشارك بالرأي أبدا فهو صغير السن لا يكاد يفهم مثل هذه الأمور.
سعد: إنه أمر خطير.
فهيم: لقد طالب الناس بخلع المنصور وتولية قطز.
سعد: أي أننا الآن في عهد قطز.
* * *
العساكر يسوقون الجواسيس جميعا والناس يهللون ويكبرون ويدعون الله أن ينصرهم.
* * *
فهيم يخرج من حجرته مسرعاً ومعه صندوق صغير وخلفه هنية يكلمها وهو متعجل.
فهيم: هذا الصندوق فيه كل ما ادخرته ولابد أن أساهم به لتجهيز الجيش يا هنية.
هنية: انتظر.    
( يتوقف فهيم فتخلع هنية أساورها وقرطها وعقدها وخاتمها ثم تعطيه لفهيم )
هنية: خذ هذه الأشياء معك فقد تنفع.
فهيم: ولكن!!
هنية: لا تراجعني فأنا لا أريد من الدنيا إلا أن تعود لي منصوراً سالماً.
( يربت فهيم على كتفها ثم يأخذ الذهب وينصرف )
* * *
فهيم في دكانه ؛ وقد وضع أمامه الصندوق الذي به المال والذهب؛ فإذا بأهل الحارة يضعون تبرعاتهم لفهيم والنساء تضعن له حليهن الذهبية حتى ملأت التبرعات المائدة التي وضعت عليها.
* * *
في بيت قطز فهيم وعلي وبطرس يضعون تبرعات أهل الحارة ؛ فيأخذها قطز ويضعها بجوار باقي التبرعات ؛ فإذا هي مال وفير .
* * *
سعد وأخته في بيتهما يجمعان الأواني النحاسية والأباريق النحاسية ثم يحملانها بصعوبة ويخرجان من البيت.
* * *
فؤاد يركب الكَارِته ( عربة سوداء يجرها حصان ) وفي يده صرة صغيرة.
* * *
 (سعد وسعاد في محل بائع النحاس ).
سعد: إذاً فقد اتفقنا على السعر, هات الثمن وخذ النحاس, بارك الله لك.
البائع: وعوض عليك يا ولدي.
( يأخذ الرجل النحاس ثم يعطي سعد المال فيأخذه وينصرف )
* * *
 ( فؤاد يمشي في الحارة متوجها إلى البيت وفي يده الصرة, يمر على دكان عمه فيسلم عليه.
فؤاد: السلام عليك ياعمي.
فهيم: وعليك السلام, أين كنت يا ولد كل هذا الوقت؟.
فؤاد: المهم هل فاتني طعام الغداء؟.
فهيم: لم يفتك, ولكنك اقلقتني عليك, وأين ذهب سعد وأخته؟.
( يأتي سعد وأخته في هذه اللحظة )
فهيم: أين كنتم جميعاً؟.
فؤاد: هيا نتناول طعام الغداء ونتكلم.
فهيم: هيا, ولكن لن أغفر لكم غيابكم بدون إذن.
* * *
هنية تحضر طعام الغداء ويساعدها الأطفال بوضع الصحون على المنضدة الكبيرة.
هنية: ها قد عدتم أخيراً, أين كنتم يا أولاد لقد أقلقتمونا عليكم؟.
فؤاد: أنا كنت في البلد.
فهيم: ماذا قلت يا ولد؟ هل سافرت وحدك؟
فؤاد: هذا مصاغ أمي , خذه يا عمي وضمه للتبرعات.
فهيم: ولكنه مصاغ أمك, كيف تفعل ذلك, هذا لن يكون ما دمت حياً.
( يدفع سعد إلى فهيم المال الذي كان في يده )
سعد: خذ يا عمي هذا هو ثمن النحاس الذي في بيتنا.
فهيم: أتبيع نحاس البيت يا سعد؟.
هنية: وأنت يا فؤاد كيف تتبرع بمصاغ أمك؟ كيف طاوعك قلبك؟ كيف تفعلون ذلك؟.
سعد: لقد اتفقنا أن نفعل ذلك خلسة فنحن نعلم أنكما ستعارضان, ولكن ينبغي أنكما ستفهمان موقفنا في النهاية.
سعد: لا قيمة لأي شيء والعدو على الأبواب, يمد يده ليسرق سعادتنا وحريتنا وأيامنا المقبلة, ينبغي أن نساهم.
فؤاد: لقد صدق سعد يا عمي, ينبغي أن نساهم جميعا, وعليك أن تفهم موقفنا وتساعدنا.
( يطأطئ فهيم رأسه قليلاً ليفكر ثم يأخذ منهم المال فيبتسمون ويندفعون إلى حضن عمهم )
* * *
في ساحة كبيرة جنود يتدربون على فنون القتال نجد من بينهم فهيم وبطرس وعلي وسعيد بن علي وجورج بن بطرس وغيرهم كثيرون يلبسون ملابس الجنود ويتدربون على القتال.
* * *
لقد تم تدريب الرجال وهاهم يودعون أهلهم ليخرجوا لملاقاة المغول؛ فنجد فهيم وبطرس وعلي وجرجس وسعيد يرتدون زي العساكر ويخرجون من الحارة، وبعدما اجتازوا الحارة انضم إليهم غيرهم من المحاربين, وكل عدة خطوات ينضم إليهم بعض المحاربين.
* * *
 ( بهية وصباح وإيفون خلف المشربية يبكون والأطفال الصغار من حولهم خائفون )
فؤاد: لماذا البكاء؟
سعد: لا وقت للبكاء.
عزيز: لقد بدأ الرجال جهادهم, وبدأ جهادنا.
حبيب: نعم, علينا أن نوزع الأدوار.
فؤاد: سنفتح الدكاكين وستقمن برعاية الأطفال, وهذه الأشياء في غياب الرجال ستكون صعبة وعلينا أن نكون على قدر الموقف.
( تجفف النساء دموعها )
هنية: معكم حق, لابد أن نكون متماسكين وأن نقوم بواجبنا على أكمل وجه.
* * *
في الحارة الدكاكين مفتوحة, حبيب وعزيز في دكان فهيم, وفؤاد في دكان بطرس, وسعد في دكان علي,  يبيعون ويشترون ويكتبون كل شيء في أوراق أمامهم.
* * *
 ( في المطبخ تجتمع صباح وإيفون وهنية فصباح تعجن العجين, وهنية جلست وقد انتفخت بطنها تقطع العجين, أما إيفون فهي تطهو الطعام)
إيفون: أخاف أن يقل الدقيق.
هنية: لا تخافي فلدي جوال ويمكنني أن أحضر لكم دقيقاً من البلد لو قل الدقيق هنا المهم أن نتعود على ترشيد استهلاكنا.
صباح: المهم أن يردهم الله لنا سالمين.
الجميع:  آمين.
* * *
صباح تتحدث مع هنية.
صباح: وماذا سنفعل في هذه المشكلة, لقد نفد السكر ولا أجد في السوق.
هنية: لما نفد السكر تذكرت جرة العسل التي في المخزن فقسمتها بيننا وهذا هو نصيبك إلى أن يأتي السكر
( تدخل إيفون عليهما وتلقي عليهم السلام وبيدها جوال صغير )
إيفون لا تحملا هما للسكر لقد بحثت حتى وجدت السكر, علينا أن نقسمه بيننا.
* * *
بين الدكاكين نرى الأطفال يقومن بعملهم ويستشير بعضهم بعضاً.
* * *
هنية تطوي الملابس للأطفال, تتقدم منها طفلة صغيرة.
الطفلة: انظري يا أمي لقد قطع ثوبي, هل ستشتري لي ثوبا جديدا؟
( تأخذ هنية من جوارها علبة صغيرة بها إبرة وخيط , لترفأ ثوب الطفلة )
* * *
أمام الدكاكين جلس الأطفال الأربعة حبيب وعزيز وفؤاد وسعد على الكراسي متجاورين يتحدثون .
سعد: لقد عاد رمضان سريعا وأوشك أن ينتهي.
فؤاد: في رمضان الذي سبقه كنت مع أبي وأمي.
سعد: بارك الله لك في عمك فهيم ورده لنا سالما.
الجميع: آمين.
( يسمعون صوت منادٍ يمر في الشارع )
عزيز: اسمعوا
المنادي: يا أهالي القاهرة, البشرى لنا ولكم, التقى جيش مصر والمغول, وقتل الله قائدهم كتبغانوين, فإلى سقر وبئس المصير, يا أهالي القاهرة. البشرى لنا ولكم.
حبيب: قُتِلَ قائد المغول.
الجميع: الله أكبر.
( تتردد الله أكبر من البيوت ردا علي كلام المنادي ثم نسمع زغاريد النساء )
* * *
يجلس الأطفال أمام الدكاكين عزيز وحبيب وفؤاد وسعد, تمر أمامهم سعاد وهي تجري ولا تلتفت لهم فينادي أخوها عليها.
سعد: إلى أين يا سعاد؟
سعاد: سأحضر خالتي أم إبراهيم, خالتي هنية ستلد.
( تقول سعاد كلماتها وهي تسرع , يقوم الأولاد يغلقون الدكاكين ويسرعون ليكونوا بجانب أمهم هنية ).
* * *
أم إبراهيم تدخل المنزل مسرعة وتدخل غرفة هنية ويبقى في البهو كل الأطفال سعد وإخوته وفؤاد وإخوته وحبيب وعزيز وأبناء إيفون وأبناء صباح, أما صباح فهي تقرأ القرآن وتدعو لها, وإيفون تصلي من أجلها .
نسمع صوت صراخ الطفل فيهلل الأطفال ويفرحون,  وبعد قليل تخرج أم إبراهيم لتهنئهم  .
أم إبراهيم: مبروك جاءكم طفل جميل.
( نسمع صوت دقات طبول فيجري الجميع إلى المشربية يستمعون, ثم صوت المنادي فينصت الجميع )
ص. المنادي: يا أهالي القاهرة, البشرى لنا ولكم, انتصر السلطان قطز على جيش المغول.
( يكرر المنادي النداء فيهلل الأطفال والناس وتعلو أصوات الناس بالتكبير وزغاريد النساء تنطلق )
* * *
فهيم يرتدي زي المحاربين يمسك طفله الصغير بحب وحنان وبجانبه تجلس هنية وهي في غاية السعادة .
فهيم: سأسميه منتصراً.
( يضحك الجميع ويباركون لفهيم, ويغني الأطفال أغنية للنصر ولمنتصر الصغير )
تمت بحمد الله تعالى
* * *