الثلاثاء، 5 فبراير 2008

الأسد واللصوص





الأسد واللصوص

يوجد في غابة بعيدة مملكة تدعى المملكة السعيدة , يحكمها الأسد ويشهد له الجميع بالعدل والرحمة , وكان وزيره الفيل يعاونه بإخلاص دون كلل أو ملل .

لم يكن بالمملكة السعيدة إلا شخصان حقودان هما الذئب والثعلب وكانا يكرهان الملك والوزير لأنهما لم يتركا لهما فرصة ليمارسا السلب والنهب والإحتــــيال كما هي عادتهما

كانا دوما يجتمعان يفكران ويمكران ويحاولان التفرقة بين الأسد والفيل, لكن كان مكرهما يذهب سدى , فالأسد حكيم والفيل حليم .ل

كن الثعلب لم يتوقف بل هداه تفكيره لحيلة جديدة , فقد سرق من الأسد ماسة كبيرة ونفيسة بالتعاون مع الذئب , وقاما بوضعها خلسة في بيت الفيل , ولما عاد الفيل لبيته متعب , وجلس على فراشه سقطت من تحت الفراش تلك الماسة فعرفها الفيل , و أخذها فورا للأسد و حكى له القصة , وتعجب الأسد من الأمر لكنه سرعان ما نسيه . بينما الفيل قرر أن ينسحب من منصبه وأصر على ذلك , فوافق الأسد أمام إصرار الفيل .

وهكذا أصبح الملك وحيدا في شؤن الحكم , فكانت فرصة الذئب والثعلب ليتقربا منه ويثبتا له أنهما على درجة عالية من العلم والتقوى , فقرر الملك أن يعينهما مساعدان له , الثعلب وزير والذئب مساعداً للوزير.

لكن أطماعهما كانت تفوق هذا المنصب , وفكرا كيف يتخلصا من الأسد أيضا , فاضطر الثــعلب أن يحكـم بالعدل في بــداية الأمر ثم بدأ ينفذ خطته بالتعاون مع الذئب ليتخلصا من الأسد .

وفي يوم من الأيام كان الثعلب الوزير ومساعده الذئب في حضرة الملك قبل موعد الطعام بقليل , وكان من عادة الأسد أن يتناول غداءه معهما ثم يكملوا العمل , وأثناء انشغال الأسد مع الثعلب تغيب الذئب دقائق ثم عاد , دون أن يشعر الأسد بعدم وجوده , ثم بدأ يشغله بالحديث ولما جاء موعد الطعام دعاهما الملك لتناول الطعام معه كالمعتاد فذهبا معا وفوجئ الأسد أن طعامه ناقص وأن أحدهم التهم ذراع الشاة , فغضب غضباً شديداً وقال: من الذي تتجرأ على فعل هذا ؟

الثعلب: أي فعل يا مولاي ؟

الأسد: ألا ترى أن هناك من أكل ذراع الشاة ؟ أتعجب ترى من فعل ذلك ؟

الذئب : أنت يا مولاي .

الثعلب : ألا تذكر ذلك يا مولاي ؟!

الأسد : أذكر ماذا ؟ !

الثعلب : لقد جئنا هنا منذ قليل ثم أكلت فخامتك شيئا من الشاة ثم خرجنا لنكمل العمل .

الأسد : لا , لم آتِ .

الذئب : هل نسيت يامولاي لقد كنت تتكلم عن المشروع الذي تود أن تنفذه في الغابة , ثم أكلت ما أكلت وانصرفت .

الأسد : متى ؟

الثعلب : منذ قليل .

الأسد : ولماذا لم تأكلان؟ فطعامكما كما هو !!.

الثعلب : لأنك لم تدعونا يا مولاي لقد أكلت وأنت تتحدث ثم خرجت من المكان وأنت تتحدث .

الأسد : أنا ! , أنا لا أذكر أبداً !!.

الثعلب : لا بأس أيها الملك قد تكون متعب .

الذئب : يمكنك أن ترتاح الآن فأهم ما يعنينا هو صحتك .

الثعلب : ولا ينبغي أن يعلم أحدهم بشئ مما حدث , فهذا شئ خطير.

( إحتار الأسد وأمرهما بالطعام ولكنه ترك غرفة الطعام وانصرف وظل يفكر طوال الليل ويسأل نفسه , هل هو فعلا يعاني من مشكلة النسيان ؟ وهذه العبارة الأخيرة التي قالها الثعلب كانت إشارة لشبهة جنون , فهل أنا على وشك الجنون , في الصباح أتى الفيل لزيارة صديقه الأسد لأنه عود نفسه أن يفعل ذلك من حين لآخر , فحكى له الأسد ما حدث وطلب منه المشورة )

الفيل : أرى يا مولاي أن أول ما تقوم به هو أن تأكل جيداً وتنام جيدا , وأنا سآتي لك في الصباح الباكر بالطبيب .

الأسد : ولماذا لا يأتي اللطبيب الآن .

الفيل : لأنك لم تنم ولم تأكل من الأمس ولابد أن تكون مضطرب أثناء الكشف .

الأسد : وهل أبقى هذا الأمر سراً كما قال لي الثعلب ؟

الفيل : بل عليك أن تخفي خبر مجيئي لك اليوم , وأنا سأنصرف من الباب السري , وسآتي منه غداً أيضا مع الطبيب

الأسد : لو تأكدت من أنه بداية جنون سوف أترك الحكم , فهذا ما يشغلني من الأمس , فليس معقول أن أحكم وأنا مجنون .

الفيل : ليس هناك مجنون يفكر على هذا النحو , فلا تسبق الأحداث .

( إنتهت زيارة الفيل وخرج من حيث لا يراه أحد , أما الثعلب والذئب فقد اطمئنا لأنهما يخططان لدفع الملك للجنون , وقد بلغهما أنه لم يأكل ولم ينام طوال الليل , ولذلك فخطتهما تسير بنجاح , وقد أوشكا أن يكونا الحكام الفعليين لهذه الغابة , ولن تجد الحيوانات من يحميهم من بطشهم بعد الآن وفي اليوم التالي حضر الطبيب سراً وكشف على الملك وطمأنه على قواه العقلية , وفهم الملك أن الثعلب والذئب يدبران له , فقرر أن يلقنهما درسا , فاستدعاهما لغرفته , وادعى المرض والضعف وبدأ يحدثهم)

الأسد : لقد تأكدت يا صديقيََِّ أنني مصاب بداء النسيان , وأن هذا الداء لو أهمل يؤدي إلى الجنون .

الثعلب : سلامتك يا مولاي .

الذئب : سلمك الله من كل شر .

الأسد : ولقد بحثت في أوراقي فوجدت أن جدي أصيب بنفس هذا الداء , ولقد شفي منه بفضل دواء صنعه له الطبيب .

الذئب : نأتي لك بالدواء مهما كلفنا الأمر .

الثعلب : نحن فداءك أيها الملك .

الأسد : ليست المشكلة في الدواء , فهو مصنوع من أعشاب متوفرة بالغابة .

الثعلب : وما المشكلة , نأتيك به؟ .

الأسد : ولكن ينبغي أن آكل قبل الدواء مخ ذئب أو ثعلب فما رأيكما ؟؟, من منكما يقدم لي هذه التضحية ؟!.

الثعلب : كنت أتمنى يا مولاي ولكن مخي صغير لن يفي بالغرض أما الذئب فمخه أكبر لأن رأسه أكبر .

الذئب : لالا !!, أنت سليم يامولاي , نعم سليم ومعافى ليس بك مرض , إنها خطة الثعلب الخبيث .

الثعلب : بل كانت فكرتك أنت .

الذئب : أنت دبرت وخططت .

الثعلب : وأنت الذي نفذ , أم نسيت انك أكلت كتف الشاة أثناء انشغال مولاي في الحديث معي .

الأسد : وأنا أعرف تماما أنني سليم معافى , وقد استشرت طبيبي وطمأنني , وفهمت أنكما تمكران بي , لهذا قررت أن أحبسكما في قفص من حديد في وسط الغابة لتكونا عبرة لمن يعتبر .

* * *

ليست هناك تعليقات: