الاثنين، 4 فبراير 2008

متى ستشرق الشمس











مازن طفل صغير يلعب مع أقرانه أمام الدار، عمره تسع سنوات، وأتى هشام جاره يصيح به هشام: أنظر يا مازن هذا ابن عمتي راضي أتى مع عمتي لزيارتنا.

مازن: مرحبا بك يا راضي.

هشام: راضي يحب أن يتعرف عليكم.

مازن: أنا مازن جاركم في البيت الملاصق لهشام.

راضي: مرحبا بك.

مازن: أنا سعيد اليوم لأن خالي سيأتي, كان مسجونا وسيفرج عنه اليوم.

راضي: وهل خالك متزوج

مازن: لا, إنه في العشرين من عمره وقد سجن من تسع سنوات تقريبا, لم أراه في حياتي, ترى كيف سيكون شكله

راضي: يعني كان في الحادية عشر.

مازن: نعم وقد سجن من أجل أمي رحمها الله.

راضي: وكيف كان هذا؟

مازن: حينما كنت رضيعا مرضت أمي وأصيبت بالحمى, وسارعوا لإدخالها المستشفى بالقرية المجاورة.

راضي: وماذا حدث بعد أن ذهبت إلى المستشفى.

مازن: هي لم تذهب إلى المستشفى كان المرور إلى المستشفى ممنوع, منعها العساكر اليهود, ولم تحتمل الحمى فماتت في اليوم التالي.

راضي: رحمها الله, ولكن ما دخل خالك بهذه القصة.

مازن: لقد كان متعلقا بأخته جدا, وحزن عليها وظل يجري بعد موتها وتوقف أما الجندي الذي منع خروجها وقذفه بحجر, فما كان من الجندي إلا أن كسر ذراعيه ثم ساقه إلى حيث لا ندري

راضي: هذه القصص تحدث بيننا كل يوم, أنت لم تر شيئا يا مازن فلي جار يحكي لنا عما حدث في صابرا وشاتيلا قديما و... (مازن مقاطعا).

مازن: نعم كان هذا من عشرين سنة يوم أن ولد خالي, نجت أمي وجدتي سلمى من هذه المجزرة , التي ذهب فيها ستة أخوال وثلاث خالات وجدي وإخوته.

راضي: وكيف نجت جدتك وأمك من هذه المجزرة التي لم ينجو منها إلا قليل جداً.

مازن: كانت جدتي في المستشفى تلد خالي ورافقتها أمي وكانت في الرابعة عشر, ولما عادوا لم يجدوا الأهل والأحباب, فسافروا إلى جدتي أم ياسين.

راضي: هل هي قريبتهم؟

مازن: هي خالة جدتي, وهذا هو بيتها, هي طيبة جداً وتحبني كثيراً.

هشام: كفاكما ثرثرة, هيا نلعب.

مازن: هيا بنا سأعلمكما أغنية جميلة تغنيها لي جدتي دوما.

هشام: غدا ستشرق الشمس, أعرفها وأحب أن أسمعها منك وسنغنيها معا.

* * *

( الأغنية )

على شجرة الزيتون غداً تشرق الشمس*
ليصحو فرخ الحمام الجائع من الأمس*
فتشدوا وهي تحلق أن يا معشر الحمام *
الشمس أشرقت بالحب والسلام *
فهيا يارفاق لنجلب الطعام*
* * *

( وبينما الأطفال يغنون يقترب منهم شاب في العشرين يبحث فيهم بلهفة قائلا)

الشاب: من منكم مازن؟

( توقف الأطفال يبحلقون فيه ثم انطلق مازن يقول بتساؤل )

مازن: هل أنت خالي وحيد؟

( يتهلل وجه الشاب ويحتضن مازن وهو يبكي, فيتجمع المارة يحيون الشاب الذي لم يعرفوه من أول وهلة, وتنادي النسوة: أتى ابنك يا أم وحيد, أين أنت يا أم ياسين ).

تندفع النساء من الدار ليحتضنوا الفتى الغائب بعيون دامعة وقلوب أوجعها كثرة الحزن والألم , كان هذا بين زغاريد النساء الآتي كن يخفين دموعهن بالزغاريد.

ودخل وحيد الدار ومازن لا ينزل عينه من على خاله والنساء يبكين من شدة التأثر وبقي راضي وهشام على باب الدار.

في الصباح كان مازن وراضي وهشام مجتمعون يلعبون ويثرثرون.

راضي: ما أكثر هذه القصص التي تحدث , تعرف يا صابر أنا كنت دائما أكره يتمي, وأقول لنفسي لو أن لي أب لكان سنداً لي وحماية.

هشام: نسيت أن أقول لك أن أباه شهيد.

مازن: لا تحزن فالشهيد يسكن الجنة.

راضي: لم أعد أحزن بالفعل بعد أن رأيت ما حدث لمحمد الدرة, ليس هناك أي فرق.

مازن: وماذا كان بوسع الأب المسكين أن يفعل.

راضي: تقول أمي: الله هو الذي يحمينا.

صابر: معها حق, تعرف, أنا أبي رجل كبير في السن, لذلك لا خوف عليه من هذه الأفعال الوحشية من قبل اليهود, أعتقد أنه لن يستشهد كأخواي الكبيرين.

راضي: وهل نسيت ما حدث للشيخ يا سين, لقد كان شيخاً مقعداً.

أطرق صابر ثم قال :

صابر: لقد ضُرب بصاروخ وهو يغادر الجامع لصلاة الفجر, نعم إن الله هو الذي يحمينا.

هشام: يكفينا مجيء الخال وحيد, إنه خبر سار يستحق أن نحتفل به, أنا أريد أن أنطلق فرحا, هيا نتسابق إلي هذه التلة القريبة.

راضي: هيا بنا.

مازن: هيا فلنبدأ.

( ينطلق الأطفال يتسابقون فيصل مازن أولا ثم راضي ثم هشام فيصيح مازن فرحا ).

مازن: أنا الأول.

راضي: وأنا الثاني

( يجلس الأطفال وهم يضحكون )

مازن: لقد تركت خالي نائم, استيقظ وصلى الفجر ثم نام, وجدتي تعد طعام الإفطار.

راضي: لابد وأن خالك وحيد سهر معكم.

مازن: نعم لقد سهرنا حتى نمت وأنا بجوار خالي ولا أدري كيف ذهبت إلى الفراش.

هشام: انظروا, إنهم اليهود, هاهم هناك, إنهم يقلعون أشجار الزيتون.

مازن: لماذا يقلعون أشجار الزيتون, لقد تعبنا في زراعتها, لماذا؟.

مازن: وعلام ستشرق الشمس غداً؟!.

راضي: بل متى ستشرق الشمس؟ متى ستشرق الشمس؟

( يقول الأطفال الثلاثة والدموع تخنق كلماتهم )

الجميع: متى ستشرق الشمس؟.

* * *

أغنية

حجر حجنجر من إيدي ينفر

يطير ويضرب ظلم الظلوم

حجر صغـــير قادر يــــعبر

عن كل حزن قلبي الــكتوم

عارف بإني إبن الغدنــــفر

بالنصر هوصل فوق الغيوم

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لعل الصبح قريب