الثلاثاء، 5 فبراير 2008

حكاية مصرية الجزء الرابع


الحارة مزينة بالأعلام والفوانيس، وقد اقترب موعد الإفطار، ونرى في الحارة موائد صغيرة (طبلية) رُصت بجوار بعضها البعض وعليها أنواع الطعام، وجلس رجال الحارة جميعا أمام الموائد بجوار بعضهم بعضاً، والصبية ينقلون الصحون من البيوت ويضعوها على الموائد.
ونلاحظ أن بطرس يجلس بين الرجال وكذلك مبروك، يؤذن الآذان فينتظر الجميع حتى ينتهي المؤذن ثم يبدءون الطعام ، يمر رجلاً مسرعاً يريد أن يلحق ببيته للإفطار فيمسك به أهل الحارة.
فهيم: تعال يا أخي ، أقسمت عليك أن تفطر معنا أولاً ثم تكمل مع أولادك،تفضل.
* * *
على السطح هنية وصباح وإيفون وحولهم البنات والأطفال الصغار يتناولون طعام الإفطار.
* * *
الوقت مازال مبكر والرجال خرجوا لأعمالهم توا، و صباح وهنية وإيفون ينظفن الخضروات في بيت صباح ، و باب البيت مفتوح ، وبينما هن يتحدثن كان حبيب وعزيز يجريان هنا وهناك ثم يصعدان السلم وينزلان وهما يتسابقان، وبينما هما بالطابق الثالث عند شقة صباح دخل مبروك شقة إيفون التي كان بابها مفتوحاً في الدور الثاني ثم دخل المطبخ فوجد قدراً مغطى فرفع الغطاء فوجده منقوع الكركديه فأخرج من جيبه السم ووضع في القدر الذي أمامه على المنضدة ثم تلفت حوله بسرعة وأغلق الإناء، ثم خرج مسرعا، فقابله حبيب وعزيز وهما يتسابقان، فاستوقفاه يسألانه.
حبيب: ماذا تفعل هنا؟!!
مبروك: كنت أبحث عن السيدة أم جرجس.
عزيز: وماذا تريد منها؟
مبروك: أنا صائم جائع ، أريد أن أعرف منها هل ستصنع كنافة لذيذة كالتي صنعتها بالأمس؟
( يضحك عزيز وحبيب على كلام مبروك )
حبيب: تريد أن تطمئن على مستقبلك الغذائي، اطمئن يا سيدي، ستأكل اليوم قطائف.
( مبروك يدعي الحزن )
مبروك: يعني هذا أنه لا كنافة اليوم يا  للخسارة.
( يضحك الطفلان ثم يكملان سباق الجري ولكن داخل شقة إيفون حتى يصلا إلى المطبخ فيحاول حبيب الإمساك بعزيز ، فيجرى منه حبيب وهاهما حول المنضدة التي تتوسط المطبخ وعليها منقوع الكركديه ،  ثم يمسك بها عزيز وهو يفلت من حبيب ويجري فتقع المنضدة فينسكب الكركديه على الأرض فيتوقف الولدان ينظر كل منهما للآخر).
حبيب: انظر ماذا  فعلت؟
عزيز: لم أكن أقصد، لو علمت أمنا إيفون ستخاصمنا.
حبيب: علينا أن نصنع غيره في القدر وننظف المكان بسرعة قبل أن ينتبه لنا أحد.
( القدر انسكب كله ولكن  بعض أوراق الكركديه مازالت فيه,  يأخذ عزيز القدر ويضعه على المنضدة بعد أن أعادها حبيب لوضعها ثم أضاف المزيد من أوراق الكركديه ثم أضاف حبيب الماء ثم غطيا الإناء كما كان،  ثم قاما بتنظيف الأرضية.
عزيز: ما رأيك؟
حبيب: كأن شيئاً لم يكن.  ( يضع كل منهما يده على الآخر ويخرجان من البيت ).
* * *
اليوم هو ثاني أيام رمضان والرجال جالسون ينتظرون الآذان على الموائد الصغيرة بالحارة، وأكواب الكركديه توزع على الحاضرين، يؤذن الأذان ويبدأ الجميع في تناول الطعام ويشربون مع طعامهم، نلاحظ وجود مبروك الذي يأكل معهم ولا يشرب.
* * *
بعد صلاة العشاء كانت هنية ببيتها تعاني من مغص شديد وزوجها فهيم يعاني من الحالة نفسها فيطرق الباب فيتحامل فهيم على نفسه ويفتح الباب فيجد بطرس وقد أصابه ما أصابهم.
بطرس: ما بك أنت الآخر؟ لقد أصبنا جميعا بمغص ، والصغار يتقيئون، جئت أسألك عن دواء من عطارتك.
فهيم: أنا لست أفهم السبب لأصف لك الدواء.
( بينما هما يتحدثان جاء علي وهو يتأوه ويتألم من المغص ، ثم توافد بعض الرجال من الحارة للسبب نفسه، والجميع يشكون من الشكوى نفسها  وكلهم يطلب دواءً من فهيم )
فهيم: في هذه الحالة لابد من استدعاء الطبيب.
* * *
يدخل مبروك غرفته صامتاً ، يجلس على سريره يحدث نفسه: ترى ما الذي حدث؟, إن هذا السم الذي وضعته هو سم زعاف يقتل في خلال ثوانٍ، فما الذي حدث؟ ( يتأمل زجاجة السم ثم يقول لنفسه ): لقد قال لي هولاكو أن أتعامل مع هذا السم بحذر، فنقطة واحدة منه تكفي لقتل قبيلة، وأنا لم أبخل عليهم به، فماذا حدث؟؟!!
* * *
في الحارة، الرجال مجتمعون بالحارة ينتظرون الطبيب الذي صعد أحد البيوت ليكشف على أهلها.
ثم يظهر الطبيب مع رب البيت الذي تهم فحصهم، فيقول لهم : يكفيني ما رأيته ، هذه حالات تسمم ولا بد من أخذ دواء تركيبي الآن .
علي : ومن أين جاءنا التسمم؟
بطرس: إنه شيء عجيب.
فهيم: هل تريد شيئاً من العطارة فأنا عطار ودكاني هنا بالحارة.
الطبيب: حسنا ، افتح الدكان لنركب الدواء بسرعة.
( ينصرف الطبيب مع فهيم الذي يفتح له الدكان )
* * *
يجلس الجواسيس الثلاثة بغرفتهم بالخان يدرسون عملية حرق المصنع ، ويضعون أمامهم خريطة للمصنع .
أبو الفضل: هاهي الخريطة، العمال يدخلون من هذا الباب ، ثم يترك الجميع البوابة ويبدءون عملهم من أمام الفرن هنا ، ثم لا يعودون للمنطقة التي أمام البوابة إلا بعد الظهيرة حين ينتهون من ملء الأقفاص بالمنتجات الزجاجية.
علاء: ماذا تريد أن تقول؟.
أبو الفضل: البوابة ، البوابة مهملة في الصباح الباكر، فلو أننا أغلقنا البوابة من الخارج كما يفعلون ليلا وأشعلنا النار سيحترقون قبل أن ينقذهم أحد.
خليفة: لا بأس فلننفذ خطتنا من صباح غدٍ.
الجميع: اتفقنا.
* * *
في بهو بيت هنية النساء ينمن من التعب هنا وهناك ومعهن الأطفال ، تفيق هنية من النوم فتوقظ النساء وتطمئن عليهم.
هنية: لقد نمنا من التعب بعد تناول الدواء.
إيفون: لقد كتب لنا الرب عمراً جديداً.
صباح: لقد زال المغص ، ولكن أين الرجال؟.
( تنظر هنية من المشربية فتجد الرجال مجتمعين بالحارة يسهرون على راحتهم ، وقد زال الخطر عنهم جميعا )
هنية: لقد زال الخطر والحمد لله ، علينا أن نطمئن على باقي أهل الحارة وندعو الرجال للراحة بعد هذه الليلة الرهيبة.
* * *
جواسيس المغول يجتهدون ويخربون هنا وهناك ، لكن الله ينصر من ينصره ، فمادمنا متحابين متعاونين ، لابد أن يعاونا الله ، الم تسمع معنى ما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم  مامعناه (الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه)
* * *
الجواسيس يطوفون حول المصنع والعمال يفدون إليه حتى وصل كل العمال واختفوا بالداخل فأغلق أبو الفضل الباب بالمغلاق الحديدي  الذي كان بجوار الباب لهذا الغرض ، وما أن أتم أبو الفضل مهمته حتى انطلق الجواسيس الأربعة يمشون بجوار السور للجهة الأخرى من المصنع ثم صعد مبروك وتسلق لسقف المصنع ثم سكب سوائل على السطح الخشبي؛ هذا والثلاثة جواسيس الباقون يتحدثون بصوت عال ليلفتوا النظر إليهم حتى يكمل مبروك عمله.
أبو الفضل: ما رأيك يا خليفة ،  نذهب لذلك اللبّان في ميدان الحسين فإن لديه حليب ممتاز.
خليفة: في الصباح الباكر أفضل الشاي أو القهوة لأفيق ، لا أريد الحليب الآن .
* * *
في الجهة الأخرى من المصنع باب المصنع مغلق ، مر عليه شاب من أهل الحارة متخلف عقليا يدعى هاني ، فوجد الباب مغلقا ففتحه وهو ساخط على العمال لأنه يظن أنهم أغلقوه،  ثم نادى العمال ، فحضر بعضهم .
هاني: أنا سأخاصمكم جميعا ولن ألعب معكم أبداً.
أحدهم: لماذا يا هاني؟.
هاني: لأنكم لا تحبون هاني ولا تريدون أن يلعب معكم .
الرجل: لا تصدق هذا الكلام ، نحن نحبك يا هاني .
هاني: ولماذا أغلقت الباب بالمغلاق؟
الرجل: الباب مفتوح يا هاني. ( يبكي هاني متأثراً منهم )
الرجل: إنه مسكين فلتطيبوا خاطره.
أحد العمال: لقد جئنا نلعب معك يا هاني ، هيا يا رجل لاتبكِ.
هاني: سنلعب دائرة ، هه.
الرجل: كيف؟.
هاني: امسك هاني من هنا وأنت امسك زميلك من هنا لنشكل دائرة وقل انا أحب هاني (يضحك الرجال ويمسكون بعضهم ببعض ويقولون كما يقول هاني ويمسكون به فيأخذهم خارج المصنع  )
* * *
في الجهة الأخرى من المصنع أنهى مبروك مهمته ثم نزل بسرعة من على السطح، الوقت مبكر ولا يوجد مارة، يمسك مبروك بزجاجة أخرى مع خليفة ثم يلقي بها على السطح فتنكسر الزجاجة وينسكب ما بها من سائل فيمتزج بما ألقاه مبروك ويشتعل المزيج فيسرع الجواسيس خطاهم خارج الحارة ، والنار تتأجج وتزداد، والسقف الخشبي يشتعل بسرعة.
* * *
أبو سعد داخل المصنع يحمل قفصاً، ولما شعر بالحريق حاول الهرب فتعثر وسقط فارتطمت رأسه في الجدار فوقع مغشياً عليه والنار تشتعل بسرعة من حوله في القش الذي يشتعل بسرعة رهيبة
* * *
فهيم والرجال مازالوا يقفون أمام البيت وقد نزل أحد الأطفال يطمئنه على أهل البيت ويدعونهم للراحة ، وفي هذه الأثناء يلاحظ فهيم أن الناس تجري في اتجاه الحارة المجاورة فاستوقف أحدهم يسأله.
فهيم: ما الحكاية؟, ماذا يحدث؟.
الرجل: مصنع الزجاج في الحارة المجاورة احترق.
فهيم: لا حول ولا قوة إلا بالله ، أهكذا في الصباح الباكر!!.
( ينطلق فهيم وبطرس وعلي وباقي رجال الحارة ليساعدوا في إطفاء الحريق )
* * *
يدخل فهيم بيته وهو حزين مطأطئ الرأس فتستقبله هنية.
هنية: لماذا تأخرت هكذا أنت لم تنم بالأمس ، الحمد لله لقد لطف الله بنا!!!.
فهيم: لقد احترق مصنع الزجاج بالحارة المجاورة.
هنية: ما الذي يحدث لنا؟ تسمم وحريق في ليلة واحدة!!!.
فهيم: حادث التسمم لطف الله فيه، أما الحريق فقد مات فيه المسكين أبو سعد.
هنية: سعد!! صديق عزيز وحبيب!؟.
فهيم: هو بعينه.
هنية: يا للصغار المساكين، وماذا سنفعل الآن؟.
فهيم: لا يمكن أن يبقى الصغار وحدهم.
هنية: لا يمكن طبعا.
فهيم: أنا أفكر أن نأخذهم هنا، فالبيت واسع ونحن ميسورون والحمد لله،ولكن سيكون هذا عبءٌ ثقيلٌ عليك فهل...؟
هنية: لا تكمل ، فمن يرفض ثواب رعاية الأيتام ،  أنا موافقة بالطبع  .
فهيم: مادمنا متفقين ، هيا بنا الآن .
هنية: ولكنك متعب ألن ترتاح .
فهيم: ولن أستطيع النوم إلا إذا أمنت هؤلاء الأطفال المساكين.
هنية: هيا بنا  .       
( ترتدي الطرحة والحذاء وتنطلق مع زوجها )
* * *
في بيت سعد حضر فهيم مع زوجته ليقنعوا الأطفال بالإقامة عندهم فتجيبهم سعاد وهي تبكي...
سعاد: يعلم الله كم أحبكم ولكن...
سعد: أنا أشكر لك وقفتك معنا يا عمي وهذا جميل لن أنساه لك، ولكن العبء سيكون كبيراً عليك، إن أردت أن تساعدني خذني عندك لأعمل في الدكان لأتحمل مسؤولية إخوتي
 ( فهيم يحتضن سعد ويقول له)
فهيم : أنا موافق بشرطين، أولهما أن تأتي للإقامة عندي والثاني ألا تنقطع عن المذاكرة.
سعد: وكيف سأعمل إذاً؟
فهيم: سندبر هذا الأمر.
سعاد: ولكن هذا البيت الصغير هو بيتنا ملكنا وبه ذكرياتنا مع أبي وأمي، كل شيء فيه يذكرني بهما . 
( تحتضن هنية سعاد وتقول لها )
هنية: ومن قال لك إننا سنترك البيت تماما، نحن سنتركه على حاله وسنمر عليه من حين لآخر، ولن نغير شيئاً فيه.
فهيم: هل وافقتما على ذلك؟.
سعد: مادمت سأعمل عندك فلا بأس.
سعاد: مادمت سآتي هنا من حين لآخر فلا بأس.
هنية: هيا بنا نحضر ثيابكم وأغراضكم.
* * *
في بيت فهيم تدخل هنية وهي تحمل سلة كبيرة على رأسها وتجر أحد الأطفال وفهيم في يده صرة ملابس وسعد يحمل كتبه المدرسية.
هنية: مرحباً بكم في بيتكم الجديد.
سعاد: بيتك جميل يا خالتي هنية.
( يدخل مبروك خلفهم وعلى وجهه علامات الغيظ والقهر)
فهيم: مالك يا مبروك تنظر للأطفال هكذا.
( يدعي مبروك البلاهة )
مبروك: هل سيأخذون غرفتي؟
فهيم: لا تخف لن يأخذ أحدٌ غرفتك. 
( ينصرف مبروك )
هنية: مسكين هذا الرجل.
* * *
الجواسيس الأربعة في غرفتهم بالخان مغتاظون ويكادوا أن يموتوا غيظاً.
أبو الفضل: يفشل المخطط من أجل صبي متخلف عقليا.
مبروك: ولا يسفر الحادث إلا عن مقتل رجل عجوز كان سيموت اليوم أو غداً.
علاء: وما وصلنا من أن أحدهم تبنى أطفاله بهذه السرعة يغيظني .
مبروك: وماذا لو أنك ترى الذي أراه ،  إن هذا الرجل وزوجته يعاملونهم كما لو كانوا أولادهم أو أكثر.
علاء: وأهل الحارة يتنافسون في تقديم المساعدة لهم؛ فبطرس تبرع لهم بملاءات جديدة، وعلى تبرع لهم بالفوط والأقمشة الجديدة، وتاجر آخر بالحارة المجاورة تبرع بأقمشة والخياطة تحيك لهم بنصف الأجر، ليت أباهم لم يمت!!!.
أبو الفضل: سيبدأ زملاؤنا في المحافظات ينفذون عملياتهم ، فماذا نقول نحن لهولاكو؟.
علاء: علينا أن نكتب تقريراً لهولاكو في أسرع وقت.
خليفة: الجارية التي بقصر الملك المنصور تقول إنه صغير السن لا يكاد يفقه حديثاً، أو يتخذ قراراً في أبسط الأمور.
علاء: أعتقد أن هذا هو الخبر الوحيد الذي يمكن أن يصل لهولاكو ويسعده.
* * *
في السوق جلس بطرس وفهيم وعلي أمام دكاكينهم وقد اقترب بعضهم من بعض وهم يتكلمون بسعادة وود، أما مبروك فهو مغتاظ يبحث عن حيلة يوقع بها بين الأصدقاء، حتى وصل منادٍ ينادي في الناس بخبر مشئوم.
المنادي: يا أهالي القاهرة، البقاء لله ، مات الخليفة المستنصر بالله منصور، مقتولا بيد الطاغية هولاكو، يا أهالي القاهرة ....
( يكرر النداء)
فهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله، مات خليفة المسلمين ، مات مقتولا.
علي: هذه نتيجة الاستهتار بالعدو ، لماذا لم يجهز جيشه حتى وإن أراد مهادنة.
فهيم: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله .
بطرس: كلنا سنموت، ولكن العراق الآن في يد هولاكو، بلا جيش أو عدة أو قوة ، ماذا سيفعل بهم هذا الدموي .
فهيم: لا حول ولا قوة إلا بالله.
( تدمع عينا فهيم فيربت بطرس على كتفه، فيقوم فهيم من مجلسه حزيناً )
علي: فهيم ، فهيم ، إلى أين أنت ذاهب؟
* * *
في طنطا وأمام مخزن الغلال الجواسيس يحومون حول المخزن ثم يلقون بالزجاجة الحارقة ويسرعون بالفرار .
* * *
بين الحوانيت رجل في حالة إعياء، ثيابه متسخة أشعث أغبر، يصيح في الناس بخبر موت الخليفة .
الرجل: نهب العراق يا قوم ،  مات أهل العراق جميعاً.
( يسمع الناس صوت الرجل ولا يدرون إن كان ينقل خبراً أم يهذي حتى يراه فهيم فيعرفه)
فهيم: عبد التواب، ماذا دهاك؟  ماذا جرى؟ متى رجعت؟.
عبد التواب: قتلوا أهل بغداد جميعاً.
فهيم: ماذا تقول؟ تعالى استرح لتقدر على الكلام .  
( يجلسه فهيم ويسقيه )
فهيم: متى جئت من السفر؟  لقد سبقك سليم ، ولم مكثت هناك؟.
عبد التواب: لأرى مالا أحب .
( يبكي عبد التواب فيربت على كتفه فهيم )
عبد التواب: قتل هولاكو أمير المؤمنين، واستولى على بغداد وقتل كل أهلها، كلهم لم يترك أحداً و لم يرحم الشيخ ولا الصغير، لم يُبْقِ حتى الرضيع ، أتعرف كيف مات أمير المؤمنين!!؟.
فهيم: سمعت بموته.
عبد التواب: لفوه في بساط هو وأهله ، كل في بساط ، ثم ألقوا بهم للخيول تدهسهم حتى الموت.
فهيم: لا أكاد أصدق ، هل أنت تعي ما تقول أم تهذي.
( يتركه الرجل ويمشي ينادي على الناس )
عبد التواب: صدقوني يا أهل القاهرة، هولاكو قتل أمير المؤمنين، قتل أهل بغداد جميعا، قتل النساء والأطفال والشيوخ.
( مبروك لا يستطيع أن يخفي سعادته، ولا يلاحظه أحد إلا عزيز )
فهيم: لو صدق عبد التواب.
بطرس: تكون المصيبة كبيرة.

* * *

ليست هناك تعليقات: