الثلاثاء، 5 فبراير 2008

حكاية مصرية الجزء الثالث



(فهيم في دكانه مع صبيه أحمد يحدثه)
أحمد: لقد نفد الزعفران والزبائن يسألون عنه فمتى سنشتريه؟
فهيم: لم يصل الحاج سليم بعد، فأنا لا أشتري بضاعتي إلا منه.
أحمد: وإلى أين سافر؟
فهيم: لقد أرسل لي رسولا من العراق وقال إنه لن يتأخر.
أحمد: أتمنى أن يصل سريعاً.
فهيم: كان يجب أن يصل بالأمس ولكنه لم يأتِ، اذهب اسأل عنه يا أحمد.
( يدخل الحاج سليم الدكان ويسلم على من بالمكان )
سليم: السلام عليكم.
فهيم: وعليك السلام, غير معقول ،  يقولون إن ابن الحلال يظهر عند ذكره.
سليم: وها أنا قد أتيت.
( يعانقه فهيم )
فهيم: حمدا لله على سلامتك، افتقدناك كثيراً.
سليم: وأنتم أيضاً.
فهيم: وكيف بغداد وأهلها؟
سليم: بخير.
أحمد: هل أحضرت لنا الزعفران يا حاج سليم؟
سليم: الزعفران وكل ما تريد، ستصلك البضاعة بعد صلاة الظهر.
فهيم: المهم أنك حضرت فقد اشتقنا إليك، اشتقنا إلى حكاياتك، ستأتي اليوم تسهر عندي مع علي وبطرس.
سليم: على السطح كالمعتاد.
فهيم: سأنتظرك لا تتأخر.
* * *
 ( هنية تحمل سلة بها طعام ومخبوزات على رأسها وتقف أمام باب بيت سعد ومعها حبيب وعزيز، فيدق عزيز الباب فيفتح لهم طفل صغير لا يتعدى عمره أربع سنوات، تدخل هنية وتضع السلة وتجلس على كنبة قريبة من الباب ، أثناء ذلك سمعت جلبة بالداخل، ثم صوت صراخ طفل، فانزعجت وقامت تسأل عن الحكاية) .
هنية: ماذا هناك؟ يا من بالدار؟
( تخرج فتاة في الثانية عشرة من عمرها، تحمل طفلة صغيرة  لم تكمل الثانية من عمرها ورجلاها محمرتان وتصرخ من الألم )
هنية: ماذا هناك؟
الفتاة: كنت أصنع الشاي وذهبت لأحضر السكر فسَحَبَتْ المفرش من على المنضدة فوقع عليها الشاي .
( تأخذ هنية الطفلة منها وتضعها في حجرها )
هنية: يا حبيبتي المسكينة، هاتها يا... ما اسمك يا حلوة؟
حبيب: أنا حبيب صديق سعد وهذه أمي هنية.
الفتاة: مرحباً بكما، وأنا سعاد.
هنية: تعالي نغسل رجلها بالماء البارد أولاً.
سعاد: تفضلي.
( بينما هما تدخلان يدخل سعد من باب البيت المفتوح )
سعد: مرحباً بكما.
حبيب: أهلاً بك.
عزيز: جئنا مع أمنا هنية  . 
( تخرج هنية وهي تحمل الطفلة الصغيرة )
هنية: اذهب يا حبيب أنت وسعد لأبيك فهيم وهات من عنده وصفة للحرق .
( تجلس هنية على الكنبة )
هنية: هات لي مشطاً  أمشطها. ( الطفلة مستسلمة لهنية.. )
* * *
يجلس فهيم وعلي وبطرس على السطح يشربون الشاي ، وبينما هم كذلك يدخل عليهم سليم فيحيونه ويرحبون به.
بطرس: حمدا لله على سلامتك، افتقدناك يا رجل.
علي: هل تغيب عنا كثيرا لتعرف قدرك عندنا!.
فهيم: وهل هو لا يعرف حتى الآن؟.
بطرس: ما  أخبارك وأحوال العراق وأهله  ؟.
فهيم: متى ستسافر مرة أخرى؟.
سليم: لست أدري فالأخبار في العراق ليست طيبة ولا أدري كيف ستسير الأمور؟.
فهيم: كيف؟.
سليم: يقولون إن المغول على الأبواب؟.
فهيم: هل تركتهم يستعدون للقتال؟.
سليم: يا ليتهم كانوا يفعلون ، يقولون إن الوزير ابن العلقمي أشار على المستعصم بفصل أكثر الجند عن العمل.
على: يفعل ذلك في مثل هذا الوقت, لماذا!!؟ وقد قال الله سبحانه وتعالى: { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل } صدق الله العظيم .
فهيم: هذا قرار غير عاقل وإن صدر عن المستعصم لقلنا إنه خليا من الرأي والتدبير، أما أن يشير عليه الوزير بذلك فهو أمر عجيب !!
بطرس: ولكن كيف عرفت كل هذا؟
سليم: لي أصدقاء هناك لهم مراكز كبيرة بالقصر، ويبدوا أنه فاض بهم الكيل وراحوا يتكلمون خوفاً ويأساً.
على: كان الله في عونهم ، إنه أمر يغيظ.
سليم: يبدو أنهم يطمعون في مصانعة المغول ويظنون أنهم سينالون ذلك بهذه الطريقة.
بطرس: المغول على ما نسمع عدو قوي ،  وإن أغروهم بتصفية الجيش لن يتركوهم .
سليم: هذا ما يخشاه الناس.
فهيم: الحق معهم ، فما الذي يدعوا هولاكو لأن يتركهم إن كان يمكن أن يأخذهم ببساطة.
سليم: أرجو أن تأتي العواقب سليمة.
فهيم:  نتمنى ذلك.
* * *
الحارة مزينة بالأعلام والفوانيس ودكان فهيم مزدحم والناس يشترون التمر والمكسرات فهيم يتكلم مع أحد الزبائن وهو يدفع له النقود.
فهيم: ومتى ستكون الرؤية بإذن الله.
الزبون: الليلة بعد آذان العشاء، تعالَ معنا إلى المسجد لتعرف متى يكون رمضان.
* * *
يدخل فهيم بيته فيجد هنية تنتظره وهي سعيدة وصوت الأطفال في الحارة يغنون أغاني رمضان.
هنية: كل عام وأنت بخير، غداً رمضان هل عرفت ذلك؟
فهيم: طبعا أنا قادم من الجامع وقد ثبتت الرؤية.
هنية: هاهم الأطفال يغنون.
فهيم: على ذكر الأطفال ، ماذا ستفعلين في رمضان لسعد وإخوته؟
هنية: سنرسل لهم جميعا أول يوم رمضان، ثم نقسم العمل كل يوم واحدة منا ترسل لهم، ولقد أنضم لنا أناس كثيرة من الحارة.
فهيم: الحمد لله، هكذاارتاح قلبي من جهتهم .
هنية: الحمد لله، هل ستسهر اليوم للسحور؟

فهيم: طبعا، تعالِ نرى الأطفال من النافذة وهم يغنون.

ليست هناك تعليقات: