الثلاثاء، 5 فبراير 2008

حكاية مصرية الجزء الثاني


مرت عشر سنوات ؛ هنية وصباح وإيفون قلقات ينتظرن بالسطح والأطفال من حولهم قد كبروا .
هنية : لقد تأخرا , تُرى ماذا حدث لكما يا أحبائي ؟
إبنة صباح : لقد وصل حبيب وعزيز.
( يدخل السطح طفلان في العاشرة من عمرهما مبتسمين سعيدين )
إيفون : يبدو أنهما قد نجحا .
هنية : أحقا يا عزيز ؟ أحقا يا حبيب ؟
الطفلان : نجحنا .
( تضمهما هنية وهي سعيدة بهما بينما تزغرد باقي النساء )
* * *
هولاكو حفيد جنكيز خان في قاعة من قاعات أحد قصوره يتحدث إلى بعض أتباعه .
هولاكو : لقد قررت أنا هولاكو العظيم أن أغزو غرب آسيا , العراق والشام ثم أغزو إفريقيا بادئا بمصر , وقد جلبت ألف خبير منجنيقات من الصين .
وأصبح حجم الجيش مئة وخمسين ألف جندي , وقد دعوتكم لتكونوا عيونا لي في بغداد ودمشق والقاهرة ؛ أنتم تتكلمون بلسان عربي وهذا سيسهل مهمتكم .
أحد الرجال : ولكن ما مهمتنا على وجه التحديد ؟
هولاكو : أريد أخبــار المكان الذي تصلون إليه أولاً بأول , وأريدكم أن تثيـــروا الفتن بين الناس , و تحرقوا المزارع والمصانع في جميع الولايات , وتضعفوا قوتهم حتى إذا وصلنا كانت مهمتنا سهلة .
( يشير هولاكو لأحد جنوده فيأتي له بزجاجات سم صغيرة ... ثم زجاجات كبيرة بها مواد سريعة الاشتعال )
هولاكو : هذا سمٌ وهذه موادٌ حارقة سريعة الاشتعال ستتدربون عليها جيداً .
أحدهم : وكيف سنتلقى التعليمات ؟
هولاكو : بالحمام الزاجل ستتدربون عليه أيضاً .
* * *
فهيم يجلس في متجره بين العطارة يتحدث إلى أحمد صبيه .
فهيم : يا أحمد هات ورقةً وقلماً لنكتب ما ينقص في المحل .
أحمد : الزعفران أوشك أن ينتهي .
فهيم : الزعفران , وماذا أيضاً ؟
( يدخل عزيز وحبيب ليسلما على فهيم )
عزيز : لقد جئنا ..
فهيم : مرحبا بالقمرين ...
حبيب : لقد أعجبتنا هدية النجاح شكرا لك يا أبي فهيم .
فهيم : العفو يا سيد حبيب , المهم أن تنجحا دوماً .
عزيز : وأين نصيبنا من سكر النبات ؟ ( يقوم فهيم ليناولهم سكر النبات )
فهيم : هاهو نصيبك , وهذا نصيب حبيب .
حبيب : وأين نصيب أمنا هنية ؟
فهيم : هاهاها ...يعجبني أنكما دوما لا تنسيان أمكما هنية , خذ يا سيدي , هذا نصيب أمك هنية .

* * *
( جواسيس المغول في الصحراء متوجهون إلى مصر وهم كثيرون رجال ونساء يتحدث أحدهم لزميله . )
ميرزا : ها قد وصلنا مصر تقريبا ... ماذا سنفعل يا كيوك ؟
كيوك : إياك يا ميرزا أن أسمعك تناديني باسمي ثانية , علينا أن نتعامل بأسمائنا التي اختارها لنا مولانا هولاكو .
ميرزا : أنت اسمك السيد علاء , وأنا مبروك , وأنت أبو الفضل, وأنت خليفة , وأنتِ قيثارة , وأنتِ منيرة .
كيوك : ولكن ينبغي أن تكون بين الناس يا مبروك كما أمر هولاكو العظيم , فكيف يكون ذلك وأنت لهجتك المصرية غير سليمة ؟
ميرزا : بسيطة ,علي أن أدعي البلاهة والثأثأة واللثغ , ك ك ك ... كيف ... ح ح ح حالك ؟
( يضحكون جميعا من كلامه )
كيوك : على كل منا أن يتوجه إلى وجهته , فعليكم أنتم أن تتوجهوا إلى صعيد مصر, وأنتم إلى الشرقية , وأنتم إلى الغربية , وأنتم إلى الاسكندرية , أما نحن فنتوجه إلى القاهرة وسندخل على أننا تجار عرب , وهاتان الحلوتان سنبيع إحداهما للملك المنصور والأخرى لفرد من أفراد الشعب له أهمية .
ميرزا : لا تنسى اسم النخاس الذي سيتعامل معنا وينفذ خطتنا .
كيوك : لدي معلومات كاملة عنه , إنه زميلنا لا تقلق .
* * *
( في السوق وبين الحوانيت نجد ميرزا أو مبروك كما سماه هولاكو , وقد علق على رقبته مجموعة من السبح الكبيرة ولبس ثيابا بالية وراح يتكلم كلام الدراويش بصوت عالي وكلام تغلب عليه الثأثأة واللثغ .)
مبروك : يا رب يا كريم , ارزقنا وأطعمنا واسقينا يا رب .
فهيم : خذ هذه . ( يعطيه صدقة )
مبروك : يأخذ عدوك وينصرك على من يعاديك .
فهيم : من أين أنت يا أخي ؟ لم أرك هنا من قبل .
مبروك : من بلاد الله التي هي لخلق الله , يا صاحب الملك يا كريم .
* * *
في سوق آخر من أسواق القاهرة نخاس يبيع الإماء والعبيد يقترب منه أبوالفضل والسيد علاء ثم يقـــولا له :- كبيـــرنا يقرءوك الســــلام فيرد النخـاس قائلا:- وعليه الســــلام , أين البضــاعة فيرد
"أبو الفضل" :- هاتان الحلوتان فيقول النخاس :- سمعاً وطاعة , سأنفذ من الغد .
* * *
في خان الحاج "أحمد عوف" دخل الجواسيس الثلاثة أبو الفضل والسيد علاء والسيد خليفة فتعرفوا على صاحب الخان وعرفوهم بأنفسهم كتجار عرب فأنزلهم الحاج أحمد في خانه ورحب بهم .
* * *
( بعض عبيد قصر السلطان يوزعون الطعام على من بالسوق ومن بالشارع ... فيتقدم منهم فهيم يأخذ صحنا ويسأل أحد العبيد .)
فهيم : خيرا إن شاء الله هل هو نذر لمولانا السلطان المنصور؟ ( يقف مبروك يستمع )
العبد : لا , إن مولاتي "أم علي" أمرتنا بتوزيع هذه الحلوى على الناس جميعا .
فهيم : لماذا يا ترى ؟
العبد : لأنها تخلصت من مولاتي شجرة الدر وثأرت منها كما قتلت زوجها .
فهيم : آآآه ... ولهذا توزع الحلوى .
العبد : خذ صحنك ودعني أكمل عملي .
( يقترب الجيران الثلاثة فهيم وعلي وبطرس ثم يجلسون على الكراسي أمام دكاكينهم متقاربين , يأكلون الطعام السلطاني ويتحدثون , أما مبروك فقد أخذ صحنا يأكله بالقرب منهم ليستمع إلى ما يدور من كلام )
بطرس : يا الله ... إن طعمه لذيذ جداً ... ما ألذ الطعام السلطاني بالزبيب والمكسرات ... ترى مااسم هذا الطعام
علي : هل هذا هو كل ما يشغلك؟ سمه أم علي . ( يضحكان من كلامه )
فهيم : ما أسرع الأحداث من حولنا , لقد قتلت شجرة الدر السلطان أيبك , ثم تولى الحكم ابنه المنصور .
بطرس : لقد رأيته في الموكب الذي ركبه من القلعة إلى قبة النصر , إنه صبي صغير.
علي : ثم قتلت أم علي شجرة الدر.
بطرس : من قَتَلَ يقُتَلْ ولو بعد حين .
علي : وها نحن نأكل نذر أم علي .
فهيم : أرجو الله أن يوفق الملك المنصور , فهو حديث العهد و صغير السن .
علي : وهل تظن أنه هو الذي يحكم , لقد قال لك بطرس إنه صبي صغير , إن الحاكم الفعلي هو وزيره ووزير أبيه شرف الدين الفائزي .
* * *
في غرفة الجواسيس بالخان جلس الجواسيس الثلاثة يدبرون ويتحاورون .
علاء : لقد طفت بالقاهرة اليوم ووجدت مصنعاً للزجاج مبنياً من الخشب يعمل به عددٌ لا بأس به من الرجال , فلو استطعنا إحراق المصنع بمن فيه .
أبو الفضل : علينا دراسة الموضوع . ولنبدأ من الغد
خليفة : ولكن ينبغي أن نتعامل مع الناس صبا ح غد ليكتمل التقرير الذي سنرسله لهولاكو.
علاء : علينا أن ننتهي من هذا الموضوع بأسرع وقت لكي نكمل مهمتنا .
* * *
الوقت مبكر والحوانيت مغلقة وفهيم أتى مبكرا يسبح الله فإذا به يجد مبروك نائماً أمام دكانه .
فهيم : بسم الله الرحمن الرحيم ... أنت يا .... لقد نسيت اسمه .... آه مبروك ( يستيقظ مبروك )
فهيم : لماذا تنام هنا يا رجل , أليس لك مكان يؤويك ؟ ( يصل أحمد صبي فهيم )
أحمد : صباح الخير يا حاج فهيم .
فهيم : صباح الخير يا أحمد , انظر لهذا المسكين ليس له مأوى .
مبروك : الله المستعان .
فهيم : إسمع يا أحمد, عندما يأتوا الصبية خذهم إلى المخزن وهيئوا له غرفة لينام بها , وأبلغ زوجتي هنية أن تفرشها له .
مبروك : أسكنك الله في فسيح جناته .
* * *
مخزن فهيم في نفس بيته بالدور الأرضي و العمال ينظفون حجرة بالمخزن لمبروك .
أحمد : احملوا هذه الأجولة وضعوها في الغرفة الأخرى .
مبروك : ربك هو الوهاب ... أطال الله بقاءك يا عم فهيم .
أحمد : كله من أجلك يا عم مبروك , ادعو الله لنا .
مبروك : أسأل الله أن ينجينا من شر قداقترب ... ينجينا من زمان العجب .
أحمد : زمان العجب !!!
مبروك : آآه من زمان العجب , فيه الحرب من غير سبب , وفيه الدم إلى الركب ... من الأزهر للحسين , وعد كُتِبْ .
أحمد : ماذا تقول ؟!!
مبروك : وعد كُتِبْ , وعد كُتِبْ .
* * *
الجواسيس الثلاثة يطوفون حول الحوانيت ثم توقفوا أمام حانوت علي للأقمشة .
علي : أهلا وسهلا بالكرام , تفضلوا , هل تريدون أقمشة , ملاءات ,أو فوط .
خليفة : نعم , أريد عشر ملاءات وخمس فوط .
أبو الفضل : وأنا مثله, وأريد من هذا القماش المزركش .
علاء : أما أنا فأريد عشرين ملاءة , وعشرين فوطة .
( ينظر لهم علي مليا ثم يقول :)
علي : خذوا مني نصف البضاعة ومن بطرس النصف الآخر.
علاء : أليس لديك كل الكمية ؟
علي : بل عندي , ولكن هذه البيعة كبيرة , ونصفها يكفيني ويرضيني , أما بطرس فهو لم يبع شيئاً اليوم .
( ينظر الرجال إلى بعضهم بعضاً )
* * *
حبيب وعزيز في فناء المدرسة يتحدثان مع بعض أصدقائهما .
حبيب : مادام زميلنا سعد لم يأت اليوم فيجب علينا أن نزوره في البيت , فمن منكم يعرف بيته
عزيز : قبل أن نذهب إلى سعيد ينبغي أن نمر على آبائنا في الدكاكين لنبلغهم غيابنا .
صديقهم : إذا نتقابل بعد إبلاغ آبائنا ونذهب معاً , فأنا أعرف بيته .
* * *

ليست هناك تعليقات: